لم تصدر هذه النبوءة من ملوث عقلياً, ولم يتفوه بها الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد في احدى مقابلاته الانفعالية في الامم المتحدة، ولم يُنَظـِّر لها احد حواري ابن الخليل المرحوم الشيخ اسعد بيوض التميمي اوتلامذته من تنظيم الجهاد الاسلامي.لقد جاءت هذه العبارة على لسان الدكتور هنري كيسنجر، وزير الخارجية الامريكية الاسبق.
لقد نشرت صحيفة نيويورك بوست قبل ثلاثة اسابيع، مقالة كتبها الصحافي» كيفن باريت « عن وثيقة من 82 صفحة، اوجزت خلاصة اعمال ندوة شارك بها 16 جهازاَ مخابراتياَ,
وتقول الوثيقة لقد تزايد عدد المستوطنين الاسرائيليين ليصل في شهر ايلول 2012 الى ما يزيد عن 700 الف ممن يعيشون على اراضٍ عربية محتلة، يقترفون الجرائم، ويمارسون العنف، وينتهكون القوانين، ولكنهم يحظون برعاية وعناية من حكومة ليكودية تغالي في التطرف والتشدد، ويحرص رئيسها بنيامين نتنياهو على استفزاز العالم ببناء المزيد من المساكن وتسمين المستعمرات القائمة حالياً وذلك على حساب الشعب المستضعف هناك.وهذا ما لن يصمت عنه الامريكيون الى الابد.
ويقول المشاركون ال16 من المسؤولين المخابراتيين ان ليس بوسع اسرائيل الان الوقوف في وجه المارد الجديد او استفزازه وتحديه كما كانت تفعل في الحروب الخمس الماضية معتمدة على التسليح والدعم الامريكي.
وماهذا المارد الجديد إلا القوى الاسلامية التي انطلقت من القمقم الذي لجمتها داخله انظمة حكم عربية واسلامية عديدة على مدار ستة عقود ولا يوجد حاليا قوة على الارض تستطيع حبسها ثانية.
ويضاف الى ذلك - كما يقول التقرير المخابراتي - تساقط الدكتاتوريات العربية التي كانت تمنع شعوبها من التعبير عن مساندتهم للشعب الفلسطيني، ولكن تغير الوضع جذرياً منذ الاطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي الصديق الاقرب لاسرائيل، وهو من غامر باغضاب اكثر من رئيس وملك عربي استرضاءً لغولدا مئير رئيسة الوزراء في تل ابيب.وجاء بدلاً من الشاه، أية الله روح الله الخميني الموسوي، الذي اعلن عداءه لاسرائيل منذ الاسبوع الاول لتسلمه مقاليد الحكم، فطرد الدبلوماسيين وطلب من منظمة التحرير الفلسطينية اشغال السفارة الاسرائيلية والتصرف بها.كما امر بتسمية الجيش باسم جيش القدس، واقام معسكرات تدريب للشباب الفلسطيني، مع الدعم المالي واللوجيستي لعملياتهم القتالية.
كما سقط على ايدي الشعوب التي استفاقت من غفوتها وبدأت الحراك في ربيعها كل من الرئيس محمد حسني مبارك في القاهرة ومعه ثلاثة من الرؤساء الذين كانوا يتعاملون مع اسرائيل بروح من الصداقة والمودة. وستشهد السنوات القليلة القادمة - كما يقول التقرير المخابراتي - تغيير الكثير من رؤساء الجمهوريات متراصفين مع تحول المزيد من الحكومات لتكون اكثر ديمقراطية واكثر اسلامية واقل صداقة مع اسرائيل.
وقد يكون للوبي الصهيوني في امريكا دورٌ فعالٌ في خلق المزيد من الكراهية بين المثقفين واسرائيل بعد الاستقواء على اي صحفي انتقد غطرسة المستوطنين وجرائمهم والمسارعة الى فصله من عمله امثال هيلين ثوماس والسيد ريك سانشيز ومورين داود الذين تجرأوا على الكلام وانتقاد اسرائيل هذا العام.
فهل تصدق نبوءة كيسنجر ؟