كتبهامحمد البويسفي ، في 23 مارس 2007 الساعة: 23:36 م
فمرحلة الشباب من أهم المراحل الأساسية في حياة الإنسان وتتبوء واسطة واسطة العقد ووسط كل شيئ خياره , فحينما تكون الشمس في كبد السماء في الرابعة النهار تكونأقوى وأحر ماتكون , وتمثل المرحلة الشباب فترة التحول الكبرى في حياة الإنسان مع حالة طفولة واعتماده على غيره إلى حال يتم فيها الاعتماد على النفس , وتعرف تحولات على مستوى النمو الجسمي والعقلي والعاطفي "(كتاب الأمة : مشكلات الشباب ..د. عباس محجوب ).
دلك أن مرحلة الشباب يكون فيها الإنسان في أوج عطائه ونشاطه , تكون خلالها قواه الفكرية أكثر استعدادا للأخد والإستيعاب ثم للتفكير والتخطيط والإنتاج , ويكون فيها جسمه أكثر صلابة وتحملا للمشاق وبدلا للجهد العضلي , ونفس الأمر من الناحية النفسية والمعنوية وعلى مستوى الطموحات وعلو الهمة .. وقوتهم تلك تدفعهم لإلى البحث عن الجديد والاكتشاف وولوج عالم المغامرات والمخاطرة بالنفس وبالمالل من أجل الوصول إلى ما ثيرغبون فيه وما يهدفون إليه .
والشباب هم الدين يملؤون المعامل والوشركات والمقاولات والأسواق التجارية , وهم الجنود في الجيش والشرطة .. وفي كل المؤسسات الدولة على أكتافهم تبنى الحضارة , فإدا كانت تربيتهم والعناية بهم جيدة وكان توجيجهم نحو الخير والاصلاح وإعمار الأرض .. كانت النتائج إيجابية مبشرة بالخير مثلجة للصدور , أما إد تم إهمالهم وألقي الحبل على الغارب , وتركوا لشأنهم من غير إرشاد وتوجيه تحركت قوى الشر لافسادهم وكانت النتائج غير محمودة العواقب .
وإن الناظر في النسيج الإجتماعي العربي عموما و المغربي خصوصا، يرى أن فئة الشباب هي الفئة الغالبة و المجتمع المغربي مجتمع شاي- إن صح التعبير- في مرحلة العطاء لكن للأسف هذه الطاقات معطلة و لا يتم توجيهاها و الاستفادة منها كما ينبغي ، فهي مشتتة بين:
- جيش من أصحاب الشواهد خريجي الجامعات و المعاهد العليا معطلين، و النبغاء منهم يتم استجلابهم و استقطابهم من طرف الغربيين الذين أدركوا قيمة هته الطاقات. و كثيرون منهم مزدحمون على أبواب السفارات، و قنصليات أرويبة طلبا للتأشرة، من أجل المرور إلى تلك الدول بمقولة متابعة الدراسة، لكن الحقيقة هي الهروب من هذا الواقع البائس، فاشترطت عليهم تلك الدول تعلم لغاتها فأسرعوا إلى بعثاتها التعليمية لتعلم تلك اللغات خاصة منها: الفرنسية، الإنجليزية، الألمانية.
- أفواج من طاقات العمل مرابطة على شواطئ البحر البيض المتوسط تقتنص حجز مقعد على قارب من قوارب الموت، و تتوسل عصابات الهجرة السرية لتوفر لها مقعدا مع" الحراكيين" بثمن مناسب.
- و المحظوظين منهم توظفوا في مدارس المعلمين أو الحاميات العسكرية ، أو في مدار س الفندقية.. مع الأسف أن هذه الفئة غالبا ما تكون من المتفوقين، فأنا أعرف اكثر من واحد حصل على البكالوريا بمعدل 15/20 و كان الإمكان انتقاؤهم و تكوينهم تكوينا جيدا ليأخذوا مراكز القيادة في المجتمع لا تشغيلهم في وظائف بسيطة.
- أما على المستوى الأخلاقي فحدث و لا حرج ذلك أن الشباب المسلم يتعرض في هذه الأيام لأكبر عملية إفساد و تفسيق في التاريخ، كل أجهزة التخريب المحلية و العالمية موجهة إليه بدء من القنوات التلفازية ،و الجرائد و المجلات، و دور السينما و الحفلات و السهرات، و انتهاء بالحانات و دور الدعارة.
- فالإنحلال الخلقي و الارتماء في أحضان الجنس ظاهرة شباب العصر، من قبل كنا نتحدث عن غياب الحشمة و الحياء،و عن الاختلاط بين الفتيان و الفتيات ، عن التبرج و الملابس القصيرة، كنا نعدها ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع ، أما الآن فنقول بكل صراحة إن المور اتجهت نحو الهاوية، إلا أن يتداركنا الله برحمته، فكم من تلميذة ضبطت ومعها حبوب منع الحمل ؟ و كم من تلميذ وجد في محفظته العازل الطبي و هناك حالات حمل لدى التلميذات و الطالبات؟ و هناك كوارث تقع في صفوف الشباب. الشوارع، المقاهي، الحدائق و أماكن النزهة.. مملوءة بالثنائيات: شابة- شابة، فتى –فتاة ، يتمايلان، يعبثان.. تدور أحاديث العربدة بينهم.. لا هم لهم سةى إشباع نهم الغريزة و الغرق في أوحالها. أين المسؤولية؟ أين الجد؟ أين..أين؟
- عصابات المخدرات اخترقت الإعداديات و الثانويات فضلا عن الجامعات، سرت ترى التلاميذ الصغار الذين يتربون على القيم و المبادئ و الأخلاق الفاضلة يتعاطون المخدرات بأنواعها و اشكالها بشكل علني، و لا يخافون في ذلك لومة لائم.
- الحانات مملوءة بالشباب و أمام المؤسسات التعليمية تجد قنينات الخمر الفارغة. من الذي اشتراها و سقى منها.
أيها الناس، أيها المسلمون : الأمر خطير، و الخطب جلل، و التحديات كبيرة، إذ سار الأمر على هذا النحو، فإن الخسارة تكون فادحة و لا تقدر بالدراهم بل بالأجيال، و إني لكم لناصح أمين إذ قلت لكم : أدركوا الشباب فهو في أمس الحاجة إلى العناية و التوجيه، إلى من يأخذ بيده إلى بر الأمان.
فالشباب في حاجة إلى:
- تعريفه بدينه، و ملء فراغه بالدين، بالإيمان، عرفوه بالله، ليتلقى العزة و المدد و العون و القيم و الأخلاق من خالقه.
- تربية و تكوين، تربية ليكون أمينا، و تكوين ليكون قويا متمكنا أسباب القوة العلمية و الفكرية و البدنية، ليكون في مستوى تحديات العصر.
- إعلام بناء ينشر الوعي و يعرف الأمة بواقعها و مشاكلها و يعرفها بأصدقائها و أعدائها.. إعلام يعايش هموم الشباب و يقدم حلولا لها.
- سد باب هاجز" الشغل" الذي جعل المؤسسات التعليمية تخرج طلاب وظائف لا طلاب العلم.
و اخيرا أقول : إن النشء مزرعة أن زرعتها بمايعود بالنفع و سقيتها و رعيتها حصدت الخير تفيد به نفسك و غيرك. و إن لم تحرثها و تزرعها في وقت الحرث ، وأتى المطر و هي بدون زرع لم تنبت إلا حشيش الأرض و النبات الشائك الذي يؤذي و لا ينفع.
أسباب تدهور واقع الشباب المغربي
و أسباب هذا الواقع كثير و متعددة منها ما هو ذاتي و منها ما موضوعي تداخلت فيما بينها و تفاعلت فأعطتنا هذا الواقع المرير. و نجمل هذه الأبساب فيما يلي:
- غياب الوازع الديني لدى غالبية الشباب، ذلك أنه لو كان له إيمنا حيا و يقين حق بأن الله، سبحانه و تعالى، خلقه لغاية هي الاستخلاف في الأرض و إعمارها، و أنه لم يخلق عبثا للهو و اللعب، و التمتع بمتع الحياة الدنيا فقط. و نتيجة غياب هذا الوازع الديني هي ما نعيشه الآن.
- عدم قيام الأسرة بدورها التربوي من حيث العناية و التوجيه و الإرشاد، و مراقبة الأبناء في أعمالهم داخل و خارج المنزل، و اختيار الأصدقاء و الرفقاء الصالحين، بل لقد تركت الأسرة هذا الدور إلى وسائل الإعلام و إلى البيئة الاجتماعية التي يعيشون فيها.
- عدم وجود مؤسسات تربوية عمومية ذات تعليم قوي من حيث التكوين العلمي و التحصيل المعرفي، و من حيث المادة التربوية و مناهجها في التعليم و التلقين.
و ضعف التعليم هذا خلق لدى الأجيال الناشئة فراغا فكريا و روحيا، فغاب التحصين الفكري و الثقافي، مما جعل لدى الشباب قابلية للانجراف مع تيار الميوعة و الارتماء كل دعوى جديدة براقة و لو كانت مفسدة.
- عدم قيام المؤسسات الإعلامية بدورها في التوجيه و إرشاد الجيل الناشئ إلى قيم الفضيلة و الخير و التعاون على البر و الإحسان. و بعث فيهم روح الفاعلية و النشاط، وترك الركون إلى الكسل و التواكل، و إلقاء مسؤولية الفشل على الآخرين.
كما عدم تقديم النموذج الحقيقي و الناجح للتقدم و البناء، فأغلب ما تقدم القناتان من نماذج اجتماعية و أخلاقية تكون غريبة عن التربة المحلية، و غير قابلة للتأقلم و المواءمة مع الخصوصية الثقافية، فتكون النتيجة تأثير سلبي لهذه النماذج المقدمة على الشباب المغربي ، و تعطينا شبابا يعيش انفصاما بين ما يراه في التلفاز و بين و بين ما يعيشه على أرض الواقع. و خير مثال على ذلك ما تقدمه القناتان ، الأولى و الثانية، من أفلام غربية و مسلسلات مكسيكية ذات قيم و مضامين أخلاقية و اجتماعية بعيدة كل البعد عما عليه المجتمع المغربي، فهي تعالج أمراض و مشاكل اجتماعية و اقتصادية و أخلاقية لم ينتجها المجتمع المغربي و لم يعشها، و هذا الأمر قد يجعل الشباب المغربي يعيش اغترابا داخل وطنه.
- الواقع المغربي الاجماعي و الاقتصادي ، حيث تفشي الأمية و الجهل و الأمراض ، و دور الصفيح ..إضافة إلى غياب فرص الشغل و انخفاض القدرة الشرائية..هذه الأمور تخلق للشباب المغربي أزمات اجتماعية و نفسية محبطة للعزائم، فلكل شاب طموح في الحصول على وظيفة أمورد مالي ليستطيع بناء أسرة و يعيش حياة طبيعية متورة على شروط الحياة الكريمة. الحلول المقترحة لإصلاح وضع الشباب
- تعريف الشباب بدينه، و ملء فراغه الروحي بالدين و الإيمان، عرفوه بالله، لكي يرجع إليه و يتصالح معه و ذلك بالعودة إلى كتابه و سنة نبيه ، و تبيطق شرعه في الأرض، وأن يكون هو المصدر في التلقي، و هو المنارة التي بها يهتدي، و الله سبحانه تعالى هو القوي فمنه يستمد القوة، و هو العليم ،منه يستمد العلم، و هو الحاكم المشرع، فعلى منهجه يسير في الأمور الدينية و الدنيوية.
- فإذا تربى على مبادئ الإسلام و قيمه و تمثلوا حقيقة الدين فإن أمرهم سيكون بإذن الله بخير.
- أما إدا تركنا الحبل على الغاريب وتركنا تربية شبابنا لوسائل الإعلام المخرب ،وإلى مستنقع الشارع وأصدقاء السوء , ثم إلى المعاهد و المؤسسات الأجنبية التنصيرية حيث يتعلمون اللغات الأجنبية وبعض الجوانب التقنية ,لكن في المقابل يتم سلخهم عن هويتهم .
- فإذا كان الأمر على هذا الشكل فستكون نتيجة أقبح مما نعيشه في ظل النخبة المتغربة.
- وتربية الأبناء مسؤولية وواجب " يا أيها الدين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة " . وكلنا راع وكلنا مسؤول أمام الله عن رعايته .
- الالتفاف حول العلماء العاملين وإرجاع الأمر إليهم: العلماء ورثة الأنبياء وهم ورثة النبي، صلى الله عليه وسلم، وهم أولوا الأمر وأهل الحل والعقد على مر التاريخ الإسلام، وهم المنارة التي يستنير بها المسلمون في أحلك الظروف ,وهم أعلم الناس بالحلال والحرام وإذا استقرأنا التاريخ نجد أنهم الذين أخرجوا المسلمين من كثير من الأزمات سواء في مواجهة الأعداد الخارجيين أوفي مواجهة الغزو الثقافي أو في مواجهة الحكام المتسلطين , وما فعله كل من الإمام أحمد بن حنبل أو العز بن عبد السلام أوابن تيمية … لخير دليل على ما نقول فيكونون الركن الشديد الذي يأوى إليه المسلمون أثناء الشدة و الأزمات .
- وحري بالمسلمين اليوم الإلتفات حول العلماء ومجالستهم والاستماع إليهم والسير وفق إرشاداتهم فهم أعلم الناس بحال الأمة وهم أقدر الناس على النهوض بهذه الأمة ومعالجة مشاكلها لأنهم يرون بنور الوحي ويسيرون وفق هديه .
- ثم إذا نظرنا إلى واقع الأمة فلن نجد أحدا مؤهلا للقيام بهدا الأمر , ولا أحدا يستطيع كسب ثقة الشعوب المسلمة غير العلماء الربانيين . ذلك أن الشعوب المسلمة قد جربت الزعماء السياسيين والنخب العلمانية المتغربة فلم يزيدوا الأمة إلى ارتكاسا وتأخرا .
- فقد آن الأوان لتصحيح المسار وإعادة الاعتبار للعلماء يقول تعالى " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم الدين يستنبطونه منهم ".
- إنشاء المدارس و المعاهد و الجامعات للتربية و التعليم وفق مناهج أصيلة سليمة تخرج العلماء، الأدباء، المفكريين، و التقنيين.. تخرج الإنسان الصالح و المصلح. أما هذه المناهج الحالية فهي معاقة و تخرج المعاقين فكريا و سلوكيا.
- تقديم إعلام بناء ينشر الوعي، و يعرف الأمة بواقعها و مشاكلها، و يعرفها بأصدقائها و أعدائها..إعلام يعيش هموم الشباب و يقدم حلولا لها وفق الخصوصية المحلية. لا الإعلام الحالي بقناتيه و صحفه و مجلاته.. التي تعمل على طمس الهوية الحضارية للأمة و يحول قبلة شبابنا نحو جهة الغرب.
- سد باب " هاجس الشغل" الذي جعل المؤسسات التعليمية تخرج طلاب الوظائف لا طلاب العلم. و أخيرا أقول: إن النشء مرعة إن زرعتها بما يعود بالنفع و سقيتها و رعيتها، حصدت الخير تفيد به نفسك و غيرك. و إن لم تحرثها و تزرعها في وقت الحرث، لن تنبت غير حشاش الأرض و النبات الشئك الذي يؤذي و لا ينفع.ا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق